mohamedeid Admin
عدد الرسائل : 120 تاريخ التسجيل : 28/07/2007
| موضوع: العلاقات المصرية - الإفريقية .. خبرة الماضي وسيناريوهات المس الجمعة أغسطس 31, 2007 2:32 am | |
| العلاقات المصرية - الإفريقية .. خبرة الماضي وسيناريوهات المستقبل المائدة المستديرة عقدت مجلة السياسة الدولية مائدة مستديرة حول (العلاقات المصرية - الإفريقية .. خبرة الماضي وسيناريوهات المستقبل), وذلك في العشرين من مايو 2007, شارك فيها كل من الأستاذ الدكتور عبد الملك عودة, أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة, والأستاذ محمد فايق, الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان, ووزير الإعلام الأسبق في عهد الرئيس جمال عبد الناصر, والسفير أحمد حجاج, الأمين العام للجمعية الإفريقية, والدكتورة إجلال رأفت, أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة, والمتخصصة في الشأن الإفريقي, والدكتور أحمد يوسف القرعي, الكاتب الصحفي بجريدة الأهرام, والمتابع للشأن الإفريقي.
د. أسامة الغزالي حرب : ترحب أسرة مجلة السياسة الدولية بضيوفنا الأعزاء في هذه المناقشة حول العلاقات المصرية - الإفريقية. ويهمنا في هذا الصدد أن تتعرف الأجيال الجديدة علي الآباء الذين أسسوا للاهتمام المصري بإفريقيا, والذين كان لهم إسهام حقيقي في خلق دور مصري فعال في إفريقيا.
ويأتي اهتمامنا بهذا الموضوع في إطار التغطية المتعمقة لإفريقيا في السياق الدولي من خلال ملف هذا العدد.
ولن نتطرق في هذه المناقشة إلي قضايا تفصيلية, بقدر ما نحاول إلقاء نظرة استراتيجية عامة علي تاريخ اهتمام مصر بإفريقيا .. أسباب هذا الاهتمام, وملامحه, وتطوره, وأسباب تدهوره والخطوات الواجب اتخاذها الآن لإعادة تنشيط هذا الدور.
أ. محمد فائق : أود أن أشير إلي نقطة مهمة, فنحن نتحدث عن العلاقات العربية - الإفريقية وننسي أن العرب في ذلك علي انه لا فائدة من إخراج القوات الانجليزية من مصر لتعاود التمركز في السودان. وقد كانت البدائل المطروحة هي أن تانا. وقد أشارت هذه الدراسات إلي أن إثيوبيا لن تستطيع التأثير إلا في 1/41 من المياه القادمة من هضبة الحبشة فقط. وبالتالي, فقد مضينا في مشروع السد العالي دون أن نعقد اتفاقا مع إثيوبيا, علي أمل أنه يمكن التوصل إلي اتفاق مستقبلا. ومع الأسف الشديد, فإن ذلك لم يحدث حتي اليوم.
وبالنسبة لبحيرة تانا, أنا أري أن تأثيرها محدود جدا, لأن الهضبة منحدرة انحدارا شديدا. ولكي يتم حجز المياه, فيجب تغيير شكل الهضبة كلها. هذا كان تقييمنا في ذلك الوقت. ورغم أنني أري أن إثيوبيا لا تستطيع أن تؤثر بشكل كبير, فأنا أري أنه لابد أن يحدث اتفاق.فلم يساعده أحد, إلا الاتحاد السوفيتي الذي أعطاه عددا من الطيارات لكن بدون طيارين. وقد استغاث بالرئيس عبد الناصر لمساعدته في توفير طيارين. ولعلمي بالظروف الصعبة التي نمر بها, فقد حولت الخطاب إلي الرئيس دون ابداء رأي, فطلبني الرئيس وقال لي: لا أريد لإفريقيا أن تنتكس بنكستنا, وأعطاني جميع الصلاحيات لكي أوفر لهم الطيارين المطلوبين. وقد انعكس ذلك علي علاقتنا بنيجيريا, حيث أصبحت صديقه وتقف معنا في كل المحافل الدولية.
لقد كانت فكرة الوحدة الإفريقية في ذلك الوقت كلمة تفتح الأبواب, ولكننا لا نجد اليوم مشروعا يوحدنا ويقوي روابطنا بإفريقيا. وأنا أتمني أن نعيد تعريف احتمالات وقوع انفصال بين الشمال والجنوب, والتي زادت بعد وفاة جون جارانج.
أ. محمد فايق : المشكلة في نظري ليست تقسيم السودان, ولكن أن نمنع أن يتم هذا التقسيم علي خلفية العالسودان - . وقد كان لمصر السبق في هذا المجال, لكنها فقدته بعد انتهاء الحرب الباردة بظهور نشاط دول الخليج والجمعيات المختلفة التي تتمتع بالقدرة علي التمويل. وأصبحت السعودية - مثلا - تنشئ جامعات في أوغندا وتشاد والنيجر, وليبيا تنشئ مراكز اسلامية في غرب إفريقيا. ورغم أن هذه المراكز تعتمد علي الكوادر المصرية, إلا أن الخط السياسي العام يتبع السعودية أو ليبيا.
أ. محمد فايق : العلاقات الثقافية في غاية الأهمية. وأذكر أنني في أول عملي, كلفني الرئيس عبد الناصر بأن أجد طريقة للتعامل مع الوجود الإثيوبي في السودان, ووجدت في وزارة الخارجية أنه ليس لنا تمثيل في إفريقيا سوي مفوضية في جنوب إفريقيا, وسفارة في أديس أبابا وأخري في ليبيريا. لقد كان هناك انفصال كامل علي المستوي السياسي بين الشمال والجنوب, لكن الأزهر كان المكان الوحيد الذي من الممكن أن نبدأ منه في بناء علاقاتنا الإفريقية. فذهبت إلي الأزهر, ووجدت رواقا خاصا بتشاد وآخر بالسنغال ونيجيريا .. الخ, ومن خلال هؤلاء استطعنا إقامة علاقات. إن المنح المقدمة للدراسة في الأزهر هي من أهم الروابط بيننا وبين إفريقيا. وأنا هنا أتحدث عن الرابطة الثقافية, فقد تغلغلت الثقافة العربية - الإسلامية بشكل كبير في إفريقيا, بحيث لا نستطيع أن نميز الحدود التي وقفت عندها. واللغة العربية لها أهمية خاصة, حيث لو إننا تعمقنا في التاريخ الإفريقي, فسنجد أنه مدون إما باللغة العربية أو بحروف عربية. إن هذا التاريخ الثقافي المشترك يصلح لكي نبني عليه علاقات قوية.
السفير أحمد حجاج : إن المدخل المصري الصحيح لإفريقيا هو المدخل الثقافي, لكن يجب أن نراعي أن ذلك لا يقتصر علي تصدير ثقافتنا للآخرين, ولكن يمتد أيضا للتعرف علي ثقافتهم. فيجب - مثلا - أن تكون هناك حركة ترجمة للكتب الإفريقية, فنحن لا نعرف شيئا عن الأفارقة الحاصلين علي جوائز نوبل للآداب, أو عن السينما الإفريقية برغم أنها تحصل علي الكثير من الجوائز. ولا نشترك مثلا في مهرجان الفيلم الإفريقي في قرطاج. أنا مؤمن جدا بفكرة إنشاء قناة فضائية إفريقية, والتي اقترحها الرئيس مبارك. وعلي مصر أن تأخذ المبادرة في إنشائها, حتي لو لم تجد مساندة من الأفارقة, بشرط ألا تصبح قناة دعائية لمصر, بل تعمل بأسلوب إعلامي عالمي, مثل قناة BBC مثلا, ويجب أن تذيع موسيقي إفريقية, وكرة قدم إفريقية, وبرامج عن المطبخ الإفريقي .. إلخ.
د. إجلال رأفت: الوعي العام عندنا تجاه إفريقيا, أو حتي السودان, يقترب من الصفر, ويجب أن نعمل علي تنميته. وأنا أذكر أنني حضرت عرضا لفرقة سودانية في الأوبرا, وقد كنت تقريبا المصرية الوحيدة هناك. أود أن أشير أيضا إلي التراجع في عدد المراكز الثقافية المصرية في إفريقيا, حيث كان هناك 16 مركزا في عهد عبد الناصر, والآن أعتقد أنه لا يوجد إلا مركز ثقافي مصري واحد فقط. وأنا أعتقد أن إقامة المعارض الفنية الإفريقية في مصر, وترجمة أدبيات إفريقية, وعمل مناقشات وندوات حولها, كل ذلك قد يكون له تأثير.
من ناحية أخري, أود أن أشير إلي أن الفكر السائد حاليا في التغطية الإعلامية المصرية لإفريقيا غير صالح لتوثيق العلاقات. إن أكثر من 90% من الكتابات المصرية عن إفريقيا عربية الهوي, أي أنها تحلل المشاكل الإفريقية من منظور الصراع العربي - الإسرائيلي أو العلاقات العربية - الإفريقية, أي يساند الكاتب الصومال لأنها دولة عربية بغض النظر عن التحليل الموضوعي, ويساند الإعلام المصري الحكومة في شمال السودان لأنها عربية - إسلامية, بينما يقف ضد الجنوب. وأنا أعتقد أن إعادة تركيب الفكر الإعلامي المصري عن إفريقيا سوف تأخذ وقتا طويلا.
د. أحمد يوسف القرعي : أنا أتفق علي أهمية العوامل الثقافية والإعلامية لتغيير صورة إفريقيا في أذهاننا, ولتحقيق انطلاقة مصرية علي المستوي الإفريقي. وأود أن أشير إلي التراجع في تدريس الشئون الإفريقية في الجامعات المصرية. فلا يكاد يكون هناك منهج تعليمي يتعلق بالدراسات الإفريقية إلا في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, بالإضافة إلي المركز المتخصص الذي تديره د. إجلال, ومعهد البحوث والدراسات الإفريقية. لقد بحثت في الانتاج العلمي لجامعات مصرية مختلفة, مثل جامعة الاسكندرية, وجامعة أسيوط, فلم أجد اهتماما بإفريقيا.
علي المستوي الإعلامي أيضا, هناك تراجع في الاهتمام بإفريقيا. فقد كان هناك في الستينيات من القرن الماضي صفحات أسبوعية عن إفريقيا في جريدتي الأهرام والجمهورية. وعلي المستوي الثقافي, لا نجد نصيبا لإفريقيا في المعارض التي تقام, واللوحات والتماثيل الموجودة في الميادين العامة. وإذا كنا قد أقمنا تماثيل في الميادين العامة, بالتبادل مع دول في أمريكا اللاتينية, فلماذا لم نهتم بأن نقيم تماثيل لشخصيات إفريقية بارزة? بينما نري أن معظم دول إفريقيا يوجد بها تماثيل لعبد الناصر. ونحن هذا العام نحتفل بالعيد الخمسيني لإنشاء الجمعية الإفريقية, التي زارها جميع قادة التحرر الوطني في إفريقيا, أرجو أن نهتم بتحويلها إلي مزار وطني يضم صورهم وتاريخهم.
السفير أحمد حجاج : يجب ألا نقلل من شأن الجهد المصري الحالي في إفريقيا. فأنا أزعم أنه ليست هناك دولة إفريقية تحتضن الطلبة الأفارقة مثل مصر. نحن في الجمعية الإفريقية - علي سبيل المثال - نرعي 15 ألف طالب إفريقي.
لابد أن نعترف بأن هناك جيلا جديدا من القادة والشعوب غير الذي تعاملنا معه في السابق. لكن يجب ألا تخيفنا الأدوار التي تلعبها قوي إفريقية صاعدة, مثل جنوب إفريقيا أو نيجيريا. إن سياسة رئيس جنوب إفريقيا ثابو مبيكي تواجه بالنقد, داخليا بسبب إرساله قوات للتدخل في المشاكل الإفريقية, كما تنتقد بلاده - علي المستوي الإفريقي - بوصفها دولة متسلطة تحاول فرض وجهة نظرها. هناك أيضا انقسام داخلي بين خيار التوجه نحو إفريقيا والتوجه نحو الغرب. ولا يزال مجتمع جنوب إفريقيا يعاني من مشاكل كبيرة, فالتجارة والاقتصاد والصحافة لا تزال كلها في أيدي البيض. نيجيريا, أيضا, ليست بالمثل الذي يحتذي به في القارة الإفريقية, فلديها فساد منقطع النظير, والاحصاءات النيجيرية نفسها تشير إلي أن 280 مليار دولار قد تسربت إلي الخارج. يجب أن تنشط السياسة المصرية في إفريقيا, ولكن علي أساس التعاون, وليس علي أساس التنافس ومحاولة نفي أدوار الآخرين. وفي هذا الصدد, فيجب أن تلعب الكنيسة المصرية دورا نشيطا, لأنها الكنيسة الإفريقية الأصلية. وقد شاهدت بنفسي - عندما كنت سفيرا في نيروبي - كيف نشأت 15 كنيسة مصرية في إفريقيا خلال 4 سنوات فقط. إن تشجيع الكنيسة المصرية يندرج تحت لواء تنشيط الدور المصري الرائد, ولكن ذلك ليس محل إجماع في مصر.
أ. محمد فايق : العلاقات الثقافية بالغة الأهمية, والرابطة الثقافية ليس المقصود بها قبطيا أو مسلما. إن إفريقيا لا تنظر إلي الدين بمثل نظرتنا, فمن الممكن أن نجد عائلة واحدة من نيجيريا بها المسلم والمسيحي والوثني.
ولم تكن هناك أي حساسيات من إنشاء مدارس وكتاتيب لتعليم القرآن مثلا, أو إرسال الوعاظ أو الخطباء في رمضان. المشكلة بدأت عند محاولة الاستغلال السياسي لهذه الروابط.
فمثلا في السودان, عندما تبنت حكومة الانقاذ فكرة الجهاد في الجنوب, وهي فكرة كانت خاطئة جدا, فقد أسهم ذلك في إذكاء التفرقة بين الأفارقة والعرب بشكل خطير. كما أن ذلك تسبب في قطع الصلات مع دول مجاورة.
السفير أحمد حجاج : يجب أن تكون المنفعة المتبادلة هي أساس علاقاتنا في إفريقيا, ويجب أن ندرك أن الدور العربي ي ح جم في إفريقيا. بينما العالم العربي غير متفق في سياسته الإفريقية. الخلاف الجزائري-المغربي يعطل أي عمل مشترك داخل الجامعة العربية. المؤتمر العربي - الإفريقي الوحيد عقد عام 1977 في عهد السادات, ولم يتم حتي الآن انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب والأفارقة.
| |
|